لماذا تبني أمريكا " شبكات مسلمة معتدلة " علمانية ؟!
محمد جمال عرفة
انقلاب.. هي الكلمة الصحيحة التي يمكن أن نصف بها الموقف الأمريكي - حسبما قدمته مؤسسة "راند" RAND البحثية التابعة للقوات الجوية الأمريكية في تقريرها الأخير "بناء شبكات مسلمة معتدلة" Building Moderate Muslim Networks- بشأن التعامل مع "المسلمين"، وليس "الإسلاميين" فقط مستقبلاً ! .
فالتقرير الذي أصدرته هذه المؤسسة البحثية التي تدعمها المؤسسة العسكرية الأمريكية - التي تبلغ ميزانيتها السنوية قرابة 150 مليون دولار - والذي يقع في 217 صفحة لا تنبع خطورته من جراءته في طرح أفكار جديدة للتعامل مع "المسلمين" وتغيير معتقداتهم وثقافتهم من الداخل فقط تحت دعاوى "الاعتدال" بالمفهوم الأمريكي، وإنما يطرح الخبرات السابقة في التعامل مع الشيوعية للاستفادة منها في محاربة الإسلام والمسلمين وإنشاء مسلمين معتدلين !.
بل إن التقرير يحدد بدقة مدهشة صفات هؤلاء "المعتدلين" المطلوب التعاون معهم -بالمواصفات الأمريكية- بأنهم هؤلاء الليبراليين والعلمانيين الموالين للغرب والذين لا يؤمنون بالشريعة الإسلامية ويطرح مقياسًا أمريكيًّا من عشرة نقاط ليحدد بمقتضاه كل شخص هل هو "معتدل" أم لا، ليطرح في النهاية -على الإدارة الأمريكية- خططًا لبناء هذه "الشبكات المعتدلة" التي تؤمن بالإسلام "التقليدي" أو "الصوفي" الذي لا يضر مصالح أمريكا ، خصوصًا في أطراف العالم الإسلامي (آسيا وأوروبا) .
أما " الانقلاب " المقصود في بداية هذا المقال فيقصد به أن تقارير "راند" ومؤسسات بحثية أمريكية أخرى عديدة ظلت تتحدث عن مساندة إسلاميين معتدلين في مواجهة المتطرفين، ولكن في تقرير 2007 الأخير تم وضع كل "المسلمين" في سلة واحدة.
إعادة ضبط الإسلام ! :
الأكثر خطورة في تقرير مؤسسة "راند" الأخير -الذي غالبًا ما تظهر آثار تقاريرها في السياسية الأمريكية مثل "إشعال الصراع بين السنة والشيعة" و"العداء للسعودية" ويتحدث باسم "أمريكا"- أنه يدعو لما يسميه "ضبط الإسلام" نفسه - وليس "الإسلاميين" ليكون متمشيًا مع "الواقع المعاصر". ويدعو للدخول في بنيته التحتية بهدف تكرار ما فعله الغرب مع التجربة الشيوعية، وبالتالي لم يَعُد يتحدث عن ضبط "الإسلاميين" أو التفريق بين مسلم معتدل ومسلم راديكالي، ولكن وضعهم في سلة واحدة !.
فتقارير "راند" الأخيرة -تقرير 2004- كانت تشجيع إدارة بوش على محاربة "الإسلاميين المتطرفين" عبر: خدمات علمانية (بديلة)، ويدعون لـ"الإسلام المدني"، بمعنى دعم جماعات المجتمع المسلم المدني التي تدافع عن "الاعتدال والحداثة"، وقطع الموارد عن المتطرفين، بمعنى التدخل في عمليتي التمويل وشبكة التمويل، بل وتربية كوادر مسلمة عسكرية علمانية في أمريكا تتفق مصالحها مع مصالح أمريكا للاستعانة بها في أوقات الحاجة .
ولكن في التقرير الحالي " بناء شبكات مسلمة معتدلة "، يبدو أن الهدف يتعلق بتغيير الإسلام نفسه والمسلمين ككل بعدما ظهر لهم في التجارب السابقة أنه لا فارق بين " معتدل " و" متطرف " وأن الجميع يؤمن بجدوى الشريعة في حياة المسلم، والأمر يتطلب " اللعب في الفكر والمعتقد ذاتهما " .
من هو " المعتدل ".. أمريكيًّا ؟! :
من يقرأ التقرير سوف يلحظ بوضوح أنه يخلط بشكل مستمر وشبه متعمد ما بين "الإسلاميين" و"الراديكاليين" و"المتطرفين"، ولكنه يطالب بدعم أو خلق تيار "اعتدال" ليبرالي مسلم جديد أو Moderate and liberal Muslims ، ويضع تعريفات محددة لهذا " الاعتدال الأمريكي " ، بل وشروط معينة من تنطبق عليه فهو " معتدل " - وفقًا للمفهوم الأمريكي للاعتدال، ومن لا تنطبق عليه فهو متطرف .
ووفقًا لما يذكره التقرير، فالتيار (الإسلامي) المعتدل المقصود هو ذلك التيار الذي :
1 - يرى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية .
2 - يؤمن بحرية المرأة في اختيار "الرفيق"، وليس الزوج .
3 - يؤمن بحق الأقليات الدينية في تولي المناصب العليا في الدول ذات الغالبية المسلمة .
4 - يدعم التيارات الليبرالية .
5 - يؤمن بتيارين دينيين إسلاميين فقط هما: "التيار الديني التقليدي" أي تيار رجل الشارع الذي يصلي بصورة عادية وليست له اهتمامات أخرى، و"التيار الديني الصوفي" - يصفونه بأنه التيار الذي يقبل الصلاة في القبور (!) - وبشرط أن يعارض كل منها ما يطرحه " التيار الوهابي ".
ويلاحظ هنا أن التقرير يستشهد بمقولة لدينس روس المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط يتحدث فيها عن ضرورة إنشاء ما يسميه (سيكولار – secular - دعوة) أو (دعوة علمانية) ! ، والمقصود هنا هو إنشاء مؤسسات علمانية تقدم نفس الخدمات التطوعية التي تقدمها المنظمات الإسلامية ، سواء كانت قوافل طبية أو كفالة يتيم أو دعم أسري وغيرها .
أما الطريف هنا فهو أن الدراسة تضع 11 سؤالاً لمعرفة ما هو تعريف (المعتدل) - من وجهة النظر الأمريكية - وتكون بمثابة اختبار يعطي للشخص المعرفة إذا كان معتدلاً أم لا ؟. وهذه المعايير هي :
1 - أن الديمقراطية هي المضمون الغربي للديمقراطية.
2 - أنها تعني معارضة "مبادئ دولة إسلامية".
3 - أن الخط الفاصل بين المسلم المعتدل والمسلم المتطرف هو تطبيق الشريعة.
4 - أن المعتدل هو من يفسر واقع المرأة على أنه الواقع المعاصر، وليس ما كان عليه وضعها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
5 - هل تدعم وتوافق على العنف؟ وهل دعمته في حياتك من قبل أو وافقت عليه؟.
6 - هل توافق على الديمقراطية بمعناها الواسع.. أي حقوق الإنسان الغربية (بما فيها الشذوذ وغيره) ؟ .
7 - هل لديك أي استثناءات على هذه الديمقراطية (مثل حرية الفرد في تغيير دينه) ؟ .
8 - هل تؤمن بحق الإنسان في تغيير دينه ؟.
9 - هل تعتقد أن الدولة يجب أن تطبق الجانب الجنائي من الشريعة؟ وهل توافق على تطبيق الشريعة في جانبها المدني فقط (الأخلاق وغيره)؟، هل توافق على أن الشريعة يمكن أن تقبل تحت غطاء علماني (أي القبول بتشريعات أخرى من غير الشريعة)؟.
10- هل تعتقد أنه يمكن للأقليات أن تتولى المناصب العليا ؟ وهل يمكن لغير المسلم أن يبني بحرية معابده في الدول الإسلامية ؟.
وبحسب الإجابة على هذه الأسئلة سوف يتم تصنيفه هل هو معتدل ( أمريكيًّا ) أم متطرف ؟! .
ويذكر التقرير ثلاثة أنواع ممن يسميهم (المعتدلين) في العالم الإسلامي، وهم :
(أولاً) : العلماني الليبرالي الذي لا يؤمن بدور للدين .
(ثانيًا) : "أعداء المشايخ".. ويقصد بهم هنا من يسميهم التقرير " الأتاتوركيين " - أنصار العلمانية التركية - وبعض " التونسيين " .
(ثالثًا) : الإسلاميون الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديمقراطية الغربية مع الإسلام.
ثم يقول بوضوح إن التيار المعتدل هم من : يزورون الأضرحة، والمتصوفون ومن لا يجتهدون .
الأطراف.. بدل المركز العربي للإسلام :
وينفق التقرير جزءًا كبيرًا منه (فصلان من عشرة فصول) في التركيز على ضرورة أن يتم التركيز على "أطراف" العالم الإسلامي وتجاهل "المركز" -يقصد به المنطقة العربية- بغرض دعم ما يسمونه " الاعتدال في أطراف العالم الإسلامي " خصوصًا في آسيا وأوروبا وغيرها .
أما الهدف فهو أن تخرج الأفكار الإسلامية المؤثرة على مجمل العالم الإسلامي من هذه الأطراف وليس من المركز (العربي) الذي أصبح ينتشر فيه "التطرف"، وبحيث تصبح هذه الأطراف هي المصدرة للفكر الإسلامي المعتدل الجديد، ولا تخرج الأفكار من المركز!.
بل إن التقرير يطرح هنا طريقة غريبة في الحوار مع المسلمين بهدف تغييرهم تتلخص في: تغيير من نحاوره، وتحجيمه عن القيام بأعماله، أو "انتظار الفرصة المناسبة" بدون أن يحدد ما يعني بالفرصة المناسبة .
وهنا يركز في فصليه السادس والسابع على تجربة الأطراف في آسيا وأوروبا على التوالي، ويطرح أسماء مؤسسات وأشخاص في آسيا وأوروبا "ينبغي" العمل معها ودعمها بالمال، ويضرب أمثلة بتجارب مشوّهة تشوِّه دور الإسلام بالفعل مطلوب التعاون معها ودعمها، مثل دعم موقع سعودي يرى مثلاً أن الأحاديث حول شهادة (ألا إله إلا الله.. وأن محمدًا رسول الله) ليست ثابتة ! .
احذروا دور المسجد :
والغريب أن التقرير يركز في فصله الأول (المقدمة) على ما يعتبره " خطورة دور المسجد " - ضمن هجومه على التيار الإسلامي - باعتبار أنه (المسجد) الساحة الوحيدة للمعارضة على أسس الشريعة ؛ ولذلك يدعو لدعم " الدعاة الذين يعملون من خارج المسجد " (!) ، ولا ينسى أن يحذر من سطوة المال - يقصد به المال السعودي الوهابي - الذي يدعم تنظيم التيار الإسلامي، مؤكدًا أنه لا بد من تقليل تقدم هذا التيار الديني لصالح التيار العلماني التقليدي الديني ( وفق المفهوم الأمريكي للاعتدال ) ، بغرض " تسوية الملعب " كي يتقدم " التيار التقليدي" ! .
بعبارة أخرى يركز التقرير هنا على أن الطريق الصحيح لمحاربة المسلمين هو بناء أرضية من المسلمين أنفسهم من أعداء التيار الإسلامي، مثلما حدث في أوروبا الشرقية وروسيا حينما تم بناء منظمات معادية للشيوعية من أبناء الدول الشيوعية نفسها.
وربما لهذا أفرد التقرير فصله الثاني للتركيز على فكرة الحرب البادرة والاستفادة من الخبرة الأمريكية في ضرب التيار الشيوعي من الداخل في تقديم نموذج مشابه لصانع القرار الأمريكي كي يستفيد منها في المواجهة المشابهة مع التيار الإسلامي، وركّز هنا على جانبين :
(الأول) خاص بخبرة الاستعانة بالطابور الخامس من المهاجرين البولنديين والشيوعيين للغرب ومعهم المفكرين الأمريكيين لتمهيد أرض المعركة ونشر القيم الغربية .
و(الثاني) خاص بالجانب الإعلامي مثل تجربة (راديو ليبرتي) الموجه لروسيا، فضلاً عن إنشاء قسم خاص في المخابرات الأمريكية دوره هو التغيير الفكري لمواقف وآراء طلاب ومفكري الدول الشيوعية وتقديم العالم لهم من وجهة نظر غربية محببة. بل يطرح التقرير هنا أفكارًا بشأن كيفية استخدام الدين ضد الشيوعية، كنوع من الإسقاط لبيان أنه يمكن -العكس- باستخدام العلمانية ضد الدين في الدول الإسلامية ! .
ومع أن الفصل الثالث من دراسة (راند) يركز على بحث أوجه التشابه أو الخلاف بين أسلحة الحرب البادرة في هدم الشيوعية، وأسلحة الحرب الحالية ضد الفكر الإسلامي، ويؤكد أن هناك أوجه تشابه أبرزها أن الصراع مع الشيوعية كان فكريًّا مثلما هو الحال مع العالم الإسلامي، فهو يعترف بأن عقبات هذه السياسة أعمق مع المسلمين .
ويذكر من أوجه الخلاف -عما حدث في الحرب البادرة- بأن أهداف الشيوعية كانت واضحة للغرب وكان من السهل محاربتها، بعكس أهداف التيار الإسلامي غير الواضحة للغرب، كما أن الشيوعية كانت هناك آليات للتفاوض معها (عبر أجهزة الأمم المتحدة وغيرها) ، بعكس التيار الإسلامي غير المحدد في كتلة واحدة محددة كالشيوعية، أما الأهم فهو المخاوف - كما يعترف التقرير - من أن ينظر لمحاولات " تحرير" العالم الاسلامي أو اعتداله على الطريقة الغربية على أنه غزو واحتلال فكري ، فضلاً عن صعوبة ضرب وتحجيم الدول التي تقف خلف الفكر الوهابي (السعودية) ؛ لأنها في نفس الوقت دول ترتبط أمريكا بمصالح معها (البترول - مناطق النفوذ) .
مرحبًا بالدول المتسلطة لا للديمقراطية :
وربما لهذا يقول التقرير صراحة إن هناك مشكلة أمريكية في الضغط على حكومات وأنظمة الدول العربية والإسلامية المتسلطة للحصول على الديمقراطية، ما يعني ضمنًا التوقف عن دعم برامج الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي والتوقف عن الضغط للمجيء بالديمقراطية .
ويقول - في مقدمة الفصل الخامس - إن أمريكا دعمت في أوقات سابقة ما اعتبرته قوى معتدلة إسلامية في الأردن والمغرب (حزب العدالة والتنمية) و" فوجئنا أننا أخطأنا وأننا دعمنا غير المعتدلين " ! ، كما لا ينسى أن يشير لمشكلة في التأثير - بالمعونة الأمريكية - على التيار الإسلامي في دول غنية مثل دول الخليج ( مثلما يحدث في دول فقيرة ) ، ومن ثَم صعوبة ضرب التيار الإسلامي الحقيقي في هذه الدول الإسلامية الغنية .
والملفت هنا أن التقرير يسرد قائمة بمن يعتبرهم من المعتدلين في العديد من الدول العربية ودول الخليج ، ما يعني حرقهم أو ربما قطع خط الرجعة عليهم للعودة عن العمالة لأمريكا، ويطرح أفكارًا لمواجهة اتهام أنصاره بالعمالة، ويؤكد أهمية برامج التلفزيون التي تركز على فكرة (التعايش) مع الغرب .
الدراسة أو التقرير خطيرة كما هو واضح ومليئة بالأفكار السامة التي تركز على ما يسمونه " علمنة الإسلام " ، ومناصرة العلمانيين ودعمهم في المرحلة المقبلة، ويصعب جمع ما فيها في تقرير واحد، ولكن الأمر المؤكد أن الدراسة تركز - كما يقول مؤلفها الرئيسي في حوار صحفي - على أن " الهدف ليس طرح الصراع بين العالم الإسلامي والغرب ، وإنما بين العالم الإسلامي بعضه بعضًا "... أي ضرب الإسلام والمسلمين من الداخل على غرار تجربة ضرب الشيوعية .
ويقول - في مقدمة الفصل الخامس - إن أمريكا دعمت في أوقات سابقة ما اعتبرته قوى معتدلة إسلامية في الأردن والمغرب (حزب العدالة والتنمية) و" فوجئنا أننا أخطأنا وأننا دعمنا غير المعتدلين " ! ، كما لا ينسى أن يشير لمشكلة في التأثير - بالمعونة الأمريكية - على التيار الإسلامي في دول غنية مثل دول الخليج ( مثلما يحدث في دول فقيرة ) ، ومن ثَم صعوبة ضرب التيار الإسلامي الحقيقي في هذه الدول الإسلامية الغنية .
والملفت هنا أن التقرير يسرد قائمة بمن يعتبرهم من المعتدلين في العديد من الدول العربية ودول الخليج ، ما يعني حرقهم أو ربما قطع خط الرجعة عليهم للعودة عن العمالة لأمريكا، ويطرح أفكارًا لمواجهة اتهام أنصاره بالعمالة، ويؤكد أهمية برامج التلفزيون التي تركز على فكرة (التعايش) مع الغرب .
الدراسة أو التقرير خطيرة كما هو واضح ومليئة بالأفكار السامة التي تركز على ما يسمونه " علمنة الإسلام " ، ومناصرة العلمانيين ودعمهم في المرحلة المقبلة، ويصعب جمع ما فيها في تقرير واحد، ولكن الأمر المؤكد أن الدراسة تركز - كما يقول مؤلفها الرئيسي في حوار صحفي - على أن " الهدف ليس طرح الصراع بين العالم الإسلامي والغرب ، وإنما بين العالم الإسلامي بعضه بعضًا "... أي ضرب الإسلام والمسلمين من الداخل على غرار تجربة ضرب الشيوعية .
الثلاثاء 22 / 3 / 1428هـ - 10 / 4 / 2007 م القاهرة - خدمة قدس برس : في تقريره الأخير المقدم للإدارة الأمريكية، بشان التعامل مع "الإسلاميين" أو العالم الإسلامي، طرح مركز دراسات "راند RAND" البحثي التابعة للقوات الجوية الأمريكية فكرة بناء ما أسماه "شبكات مسلمة معتدلة" Building Moderate Muslim Networks، داعيا لتصنيف "المعتدل" أو مقياس هذا "الاعتدال" بأنه الشخص أو الجهة التي لا تؤمن بالشريعة الإسلامية، وتتبنى الدعوة العلمانية، ويتبنى الأفكار الدينية التقليدية كالصوفية.
ودعا التقرير، الذي صدر في 26 آذار (مارس) 2007، وعرضه الدكتور باسم خفاجي، مدير المركز العربي للدراسات الإنسانية في مائدة مستديرة بالمركز بالقاهرة مساء الأحد الماضي، إلى توجه جديد بشأن التعامل مع "المسلمين" ككل، وليس "الإسلاميين" فقط عبر ما أسماه "إعادة ضبط الإسلام"، ليكون متمشيا مع "الواقع المعاصر"، والدعوة للدخول في بنيته التحتية بهدف تكرار ما فعله الغرب لهدم التجربة الشيوعية.
وأشار الدكتور "خفاجي"، مدير العلاقات العامة السابق بمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، إلى أن هذه المؤسسة البحثية (راند) التي تدعمها المؤسسة العسكرية الأمريكية - والتي تبلغ ميزانيتها السنوية قرابة 150 مليون دولار، تتميز تقاريرها بأنها تلقي اهتماما لدي المؤسسة الأمريكية، وأن تقاريرها السابقة خصوصا تقرير 2004، بشأن "إشعال الصراع بين السنة والشيعة"، و"العداء للسعودية"، ظهرت أثارها بالفعل في السياسية الأمريكية ما يظهر خطورة دراستها الأخيرة خصوصا أنها لم تلق، على غير المعتاد، رواجا إعلاميا أمريكيا، ما قد يكون أمرا متعمدا في غفلة المسلمين، حسب تعبيره .
رافض الشريعة .. معتدل :
ويحدد التقرير بدقة، صفات هؤلاء المسلمين "المعتدلين" المطلوب التعاون معهم، بالمواصفات الأمريكية، بأنهم الليبراليون والعلمانيون الموالون للغرب، والذين لا يؤمنون بالشريعة الإسلامية، ويطرح مقياسا أمريكيا من عشرة نقاط ليحدد بمقتضاه كل شخص هل هو "معتدل" أم لا، ليقترح في النهاية - على الإدارة الأمريكية - خططا لبناء هذه "الشبكات المعتدلة" التي تؤمن بالإسلام "التقليدي" أو "الصوفي" الذي لا يضر مصالح أمريكا خصوصا في أطراف العالم الإسلامي (أسيا وأوروبا) .
كما يحذر التقرير مما يعتبره "خطورة دور المسجد"، باعتبار أنه الساحة الوحيدة للمعارضة على أسس الشريعة، ولذلك يدعو لدعم "الدعاة الذين يعملون من خارج المسجد"، ولا ينسى أن يحذر من ما أطلق عليها "سطوة المال السعودي الوهابي"، ويشجع فكرة "التعايش".
ويلاحظ الدكتور "خفاجي"، أن تقرير "راند" الأخير يسعى لخلق ما يسميه دنيس روس المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط ( سيكولار – secular - دعوة) أو (دعوة علمانية)، وربما المقصود هنا هو "علمنة الدعوة الإسلامية" أو إنشاء مؤسسات علمانية إسلامية تقدم نفس الخدمات التطوعية التي تقدمها المنظمات الإسلامية التي تعارضها أمريكا، سواء كانت قوافل طبية أو كفالة يتيم أو دعم أسري وغيرها.
مواصفات أمريكية لـ "المعتدل" :
ويؤكد تقرير مؤسسة راند، الذي يقع في 217 صفحة منها 145 صفحة، تتضمن الدراسة والتوصيات، أن هناك ثلاثة أنواع ممن يسميهم (المعتدلين) في العالم الإسلامي، هم : العلماني الليبرالي الذي لا يؤمن بدور للدين، و"أعداء المشايخ".. ويضرب مثلا بهم بـ "الاتاتوركيين"، وأنصار العلمانية التركية، وبعض "التونسيين" حسبما يقول التقرير، إضافة إلى المسلمين الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديمقراطية الغربية مع الإسلام.
ثم يقول بوضوح إن التيار المعتدل (في التعريف الأمريكي) هم من : يزورون الأضرحة، والمتصوفون والرافضون للاحتكام للشريعة، والمؤمنون بحرية المرأة في اختيار "الرفيق وليس الزوج"، وحق الأقليات الدينية في تولي المناصب العليا في الدول ذات الغالبية المسلمة، ويروج التقرير لتيارين دينيين إسلاميين فقط هما: "التيار الديني التقليدي"، أي تيار رجل الشارع الذي يصلي بصورة عادية وليست له اهتمامات أخرى، و"التيار الديني الصوفي"، يصفه التقرير بأنه التيار الذي يقبل الصلاة في القبور، وبشرط أن يعارض كلا منها ما يطرحه "التيار الوهابي".
إهمال العرب :
ويؤكد التقرير، الذي يقع في عشرة فصول، أن هناك حاجة للتركيز على "أطراف" العالم الإسلامي في أسيا وأوروبا، وتجاهل "المركز"، يقصد به المنطقة العربية، بغرض دعم ما يسمونه "الاعتدال في أطراف العالم الإسلامي"، خصوصا في أسيا وأوروبا وغيرها، وذلك بهدف أن تخرج الأفكار الإسلامية المؤثرة على مجمل العالم الإسلامي، من هذه الأطراف وليس من المركز الذي أصبح ينتشر فيه "التطرف"، وبحيث تصبح هذه الأطراف هي المصدرة للفكر الإسلامي المعتدل الجديد وفق المعايير الأمريكية، ولا تخرج الأفكار من المركز.
ويطرح التقرير أسماء مؤسسات وأشخاص في أسيا وأوروبا يدعو للعمل معها ودعمها بالمال، ويضرب أمثلة بتجارب مشوهة تشوه دور الإسلام بالفعل مطلوب التعاون معها ودعمها مثل دعم موقع سعودي خاص على الإنترنت يزعم أن الأحاديث النبوية حول شهادة " لا الله إلا الله وان محمد رسول الله " ليست ثابتة ومؤكدة .
كذلك تطرح دراسة راند، بوضوح فكرة الاستعانة بتجربة الحرب البادرة لضرب الشيوعية من الداخل في التعامل المستقبلي مع العالم الإسلامي، عن طريق بناء أرضية من المسلمين أنفسهم من أعداء التيار الإسلامي الحقيقي، مثلما حدث في أوروبا الشرقية وروسيا حينما تم بناء منظمات معادية للشيوعية من أبناء الدول الشيوعية نفسها، والاهتمام بالجانب الإعلامي مثل تجربة "راديو ليبرتي" الموجه لروسيا، فضلا عن إنشاء قسم خاص في المخابرات الأمريكية، دوره هو التغيير الفكري لمواقف وأراء طلاب ومفكري الدول الشيوعية، وتقديم العالم لهم من وجهة نظر غربية محببة.
ودعا التقرير، الذي صدر في 26 آذار (مارس) 2007، وعرضه الدكتور باسم خفاجي، مدير المركز العربي للدراسات الإنسانية في مائدة مستديرة بالمركز بالقاهرة مساء الأحد الماضي، إلى توجه جديد بشأن التعامل مع "المسلمين" ككل، وليس "الإسلاميين" فقط عبر ما أسماه "إعادة ضبط الإسلام"، ليكون متمشيا مع "الواقع المعاصر"، والدعوة للدخول في بنيته التحتية بهدف تكرار ما فعله الغرب لهدم التجربة الشيوعية.
وأشار الدكتور "خفاجي"، مدير العلاقات العامة السابق بمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، إلى أن هذه المؤسسة البحثية (راند) التي تدعمها المؤسسة العسكرية الأمريكية - والتي تبلغ ميزانيتها السنوية قرابة 150 مليون دولار، تتميز تقاريرها بأنها تلقي اهتماما لدي المؤسسة الأمريكية، وأن تقاريرها السابقة خصوصا تقرير 2004، بشأن "إشعال الصراع بين السنة والشيعة"، و"العداء للسعودية"، ظهرت أثارها بالفعل في السياسية الأمريكية ما يظهر خطورة دراستها الأخيرة خصوصا أنها لم تلق، على غير المعتاد، رواجا إعلاميا أمريكيا، ما قد يكون أمرا متعمدا في غفلة المسلمين، حسب تعبيره .
رافض الشريعة .. معتدل :
ويحدد التقرير بدقة، صفات هؤلاء المسلمين "المعتدلين" المطلوب التعاون معهم، بالمواصفات الأمريكية، بأنهم الليبراليون والعلمانيون الموالون للغرب، والذين لا يؤمنون بالشريعة الإسلامية، ويطرح مقياسا أمريكيا من عشرة نقاط ليحدد بمقتضاه كل شخص هل هو "معتدل" أم لا، ليقترح في النهاية - على الإدارة الأمريكية - خططا لبناء هذه "الشبكات المعتدلة" التي تؤمن بالإسلام "التقليدي" أو "الصوفي" الذي لا يضر مصالح أمريكا خصوصا في أطراف العالم الإسلامي (أسيا وأوروبا) .
كما يحذر التقرير مما يعتبره "خطورة دور المسجد"، باعتبار أنه الساحة الوحيدة للمعارضة على أسس الشريعة، ولذلك يدعو لدعم "الدعاة الذين يعملون من خارج المسجد"، ولا ينسى أن يحذر من ما أطلق عليها "سطوة المال السعودي الوهابي"، ويشجع فكرة "التعايش".
ويلاحظ الدكتور "خفاجي"، أن تقرير "راند" الأخير يسعى لخلق ما يسميه دنيس روس المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط ( سيكولار – secular - دعوة) أو (دعوة علمانية)، وربما المقصود هنا هو "علمنة الدعوة الإسلامية" أو إنشاء مؤسسات علمانية إسلامية تقدم نفس الخدمات التطوعية التي تقدمها المنظمات الإسلامية التي تعارضها أمريكا، سواء كانت قوافل طبية أو كفالة يتيم أو دعم أسري وغيرها.
مواصفات أمريكية لـ "المعتدل" :
ويؤكد تقرير مؤسسة راند، الذي يقع في 217 صفحة منها 145 صفحة، تتضمن الدراسة والتوصيات، أن هناك ثلاثة أنواع ممن يسميهم (المعتدلين) في العالم الإسلامي، هم : العلماني الليبرالي الذي لا يؤمن بدور للدين، و"أعداء المشايخ".. ويضرب مثلا بهم بـ "الاتاتوركيين"، وأنصار العلمانية التركية، وبعض "التونسيين" حسبما يقول التقرير، إضافة إلى المسلمين الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديمقراطية الغربية مع الإسلام.
ثم يقول بوضوح إن التيار المعتدل (في التعريف الأمريكي) هم من : يزورون الأضرحة، والمتصوفون والرافضون للاحتكام للشريعة، والمؤمنون بحرية المرأة في اختيار "الرفيق وليس الزوج"، وحق الأقليات الدينية في تولي المناصب العليا في الدول ذات الغالبية المسلمة، ويروج التقرير لتيارين دينيين إسلاميين فقط هما: "التيار الديني التقليدي"، أي تيار رجل الشارع الذي يصلي بصورة عادية وليست له اهتمامات أخرى، و"التيار الديني الصوفي"، يصفه التقرير بأنه التيار الذي يقبل الصلاة في القبور، وبشرط أن يعارض كلا منها ما يطرحه "التيار الوهابي".
إهمال العرب :
ويؤكد التقرير، الذي يقع في عشرة فصول، أن هناك حاجة للتركيز على "أطراف" العالم الإسلامي في أسيا وأوروبا، وتجاهل "المركز"، يقصد به المنطقة العربية، بغرض دعم ما يسمونه "الاعتدال في أطراف العالم الإسلامي"، خصوصا في أسيا وأوروبا وغيرها، وذلك بهدف أن تخرج الأفكار الإسلامية المؤثرة على مجمل العالم الإسلامي، من هذه الأطراف وليس من المركز الذي أصبح ينتشر فيه "التطرف"، وبحيث تصبح هذه الأطراف هي المصدرة للفكر الإسلامي المعتدل الجديد وفق المعايير الأمريكية، ولا تخرج الأفكار من المركز.
ويطرح التقرير أسماء مؤسسات وأشخاص في أسيا وأوروبا يدعو للعمل معها ودعمها بالمال، ويضرب أمثلة بتجارب مشوهة تشوه دور الإسلام بالفعل مطلوب التعاون معها ودعمها مثل دعم موقع سعودي خاص على الإنترنت يزعم أن الأحاديث النبوية حول شهادة " لا الله إلا الله وان محمد رسول الله " ليست ثابتة ومؤكدة .
كذلك تطرح دراسة راند، بوضوح فكرة الاستعانة بتجربة الحرب البادرة لضرب الشيوعية من الداخل في التعامل المستقبلي مع العالم الإسلامي، عن طريق بناء أرضية من المسلمين أنفسهم من أعداء التيار الإسلامي الحقيقي، مثلما حدث في أوروبا الشرقية وروسيا حينما تم بناء منظمات معادية للشيوعية من أبناء الدول الشيوعية نفسها، والاهتمام بالجانب الإعلامي مثل تجربة "راديو ليبرتي" الموجه لروسيا، فضلا عن إنشاء قسم خاص في المخابرات الأمريكية، دوره هو التغيير الفكري لمواقف وأراء طلاب ومفكري الدول الشيوعية، وتقديم العالم لهم من وجهة نظر غربية محببة.
671 مليون ميزانية "الحرة" و"سوا" :
وفي هذا الصدد يشير الدكتور خفاجي، إلى أن التقرير ذكر مبالغ غير عادية للإنفاق على ميزانية قناة "الحرة" الفضائية الأمريكية، وراديو "سوا" تبلغ 671 مليون دولار سنويا، وطلبوا 50 مليون دولار أخرى "لمواجهة الأزمات"، وهو ما يعادل 4 مليار جنية مصري، أو 10 مليون جنية يوميا، ويزيد بدرجة غير معقولة مقارنة بفضائيات عربية ضخمة كالجزيرة والعربية ميزانيتها لا تزيد عن 50 مليون دولار سنويا، ما يرجح احتمال وجود "عمليات تمويل بطرق غير مباشرة " في هذه القنوات.
"مرحبا بالتسلط .. لا للديمقراطية" :
ويؤكد تقرير "راند" صراحة، أن هناك مشكلة أمريكية في الضغط على حكومات وأنظمة الدول العربية والإسلامية المتسلطة للحصول على الديمقراطية، بسبب المصالح الأمريكية في التعامل مع هذه الحكومات، ما يعني ضمنا التوقف عن دعم برامج الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي والتوقف عن الضغط للمجيء بالديمقراطية.
ويقول، في مقدمة الفصل الخامس، إن أمريكا دعمت في أوقات سابقة ما اعتبرته قوي معتدلة إسلامية في الأردن والمغرب (حزب العدالة والتنمية) و" فوجئنا أننا أخطأنا وأننا دعمنا غير المعتدلين"، كما لا ينسي أن يشير لمشكلة في التأثير، بالمعونة الأمريكية، على التيار الإسلامي في دول غنية مثل دول الخليج ( مثلما يحدث في دول فقيرة) ، ومن ثم صعوبة ضرب التيار الإسلامي الحقيقي في هذه الدول الإسلامية الغنية .
ويلفت الدكتور خفاجي الأنظار إلى أن التقرير يسرد قائمة بمن يعتبرهم من المعتدلين في العديد من الدول العربية ودول الخليج، ما يعني حرقهم أو ربما قطع خط الرجعة عليهم للعودة عن العمالة لأمريكا، حسبما رجح خبراء شاركوا في المائدة المستديرة لمناقشة التقرير الأمريكي .
وفي هذا الصدد يشير الدكتور خفاجي، إلى أن التقرير ذكر مبالغ غير عادية للإنفاق على ميزانية قناة "الحرة" الفضائية الأمريكية، وراديو "سوا" تبلغ 671 مليون دولار سنويا، وطلبوا 50 مليون دولار أخرى "لمواجهة الأزمات"، وهو ما يعادل 4 مليار جنية مصري، أو 10 مليون جنية يوميا، ويزيد بدرجة غير معقولة مقارنة بفضائيات عربية ضخمة كالجزيرة والعربية ميزانيتها لا تزيد عن 50 مليون دولار سنويا، ما يرجح احتمال وجود "عمليات تمويل بطرق غير مباشرة " في هذه القنوات.
"مرحبا بالتسلط .. لا للديمقراطية" :
ويؤكد تقرير "راند" صراحة، أن هناك مشكلة أمريكية في الضغط على حكومات وأنظمة الدول العربية والإسلامية المتسلطة للحصول على الديمقراطية، بسبب المصالح الأمريكية في التعامل مع هذه الحكومات، ما يعني ضمنا التوقف عن دعم برامج الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي والتوقف عن الضغط للمجيء بالديمقراطية.
ويقول، في مقدمة الفصل الخامس، إن أمريكا دعمت في أوقات سابقة ما اعتبرته قوي معتدلة إسلامية في الأردن والمغرب (حزب العدالة والتنمية) و" فوجئنا أننا أخطأنا وأننا دعمنا غير المعتدلين"، كما لا ينسي أن يشير لمشكلة في التأثير، بالمعونة الأمريكية، على التيار الإسلامي في دول غنية مثل دول الخليج ( مثلما يحدث في دول فقيرة) ، ومن ثم صعوبة ضرب التيار الإسلامي الحقيقي في هذه الدول الإسلامية الغنية .
ويلفت الدكتور خفاجي الأنظار إلى أن التقرير يسرد قائمة بمن يعتبرهم من المعتدلين في العديد من الدول العربية ودول الخليج، ما يعني حرقهم أو ربما قطع خط الرجعة عليهم للعودة عن العمالة لأمريكا، حسبما رجح خبراء شاركوا في المائدة المستديرة لمناقشة التقرير الأمريكي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق