الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

شرعيون وأكاديميون سعوديون: دوافع سياسية خلف تحوير معنى "الوهابية"

الدولة العثمانية والمستشرقون وراء الصورة السلبية للمصطلح


الجمعة 21 ذو القعدة 1431هـ - 29 أكتوبر 2010م






دبي – العربية.نت
أكد شرعيون وأكاديميون ومثقفون سعوديون أن مصطلح (الوهابية) ظهر مع ظهور الدولة السعودية الأولى، وأطلق من قبل المختلفين معها للهجوم بشكل غير مباشر على النظام السياسي في السعودية، مؤكدين أن أئمة الدعوة رفضوا التسمية التي استخدمها المستشرقون، والتي جاءت من أجل تشويه صورة الدعوة لدى السعوديين، لكي يكونوا رأياً عاماً سعودياً متخبطاً.

وقال أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد السماري إن التسمية تقف خلفها الدولة العثمانية التي أطلقت المصطلح عبر عدد من كتابها، فيما أشار الدكتور عبدالعزيز السعيد رئيس الجمعية العلمية للسنة أن المصطلح أطلق بغرض اللبس واللمز من الدعوة المجددة، فيما قال المفكر الإسلامي زين العابدين الركابي إن إطلاق المصطلح انطلق من أهداف سياسية تقصدت النظام السياسي السعودي وقتها، فيما أكد الدكتور ناصر التويم رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن القصد من استخدام التسمية هو الازدراء.

وجاء حديث الضيوف الأربعة ضمن حلقة جديدة من برنامج (واجه الصحافة)، الذي يعده ويقدمه الإعلامي داود الشريان، وستبثه قناة العربية في العاشرة من مساء الجمعة 29-10-2010م.
دعوة محمد بن عبدالوهاب ليست سياسية


مقدم برنامج واجه الصحافة داود الشريان



أضاف الدكتور السماري أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بريئة من الدعوة إلى أي مذهب سياسي، وأن مقالة الأمير سلمان بن عبدالعزيز التي نشرتها صحيفة "الحياة" في وقت سابق أكدت على المغالطات، بل وطرحت تحدي الدعوة لمن اتهمها بإثبات شيء من تلك الاتهامات في دعوة صريحة لحوار شفاف، مشيراً إلى أن المصطلح في حد ذاته "استخدم للازدراء".

من جهته أكد الدكتور السعيد على أن التسمية بـ"الوهابية" هي خطأ واضح في ظل نسبتها لوالد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وليس إليه، مشيراً إلى أنه كان يجب أن تسمى "المحمدية"، معتبراً أن هناك مبالغات كثيرة نقلت في كتب المؤرخين الذين كتبوا عن تلك الفترة، وأن الكثير مما نقلوه جاء ضمن مما يخالف الشرع، معتبراً أن نجاح الحركة الذي حصلت عليه هو السبب الحقيقي الذي دفع أعدائها لاتهامها وإلصاق الشبهات بها.

وأضاف السعيد أن "الدعوة تحدت مخالفيها في إثبات شبهاتهم، مشيراً إلى أنه في كل دعوة هناك علماء وأتباع، وأنه إنما يتم التحاكم إلى العلماء وليس إلى الأتباع، وأضاف أن أبرز الانتقادات التي وجهت للدعوة من خلال العديد من الأمور التي أقرت لدخولها ضمن صلاحيات الإمام الحاكم في ذلك الحين.

من جهة ثالثة، أكد المفكر الإسلامي زين العابدين الركابي أن إطلاق مصطلح "الوهابية" إنما قصد به الكيد للنظام السياسي السعودي، وأن المصطلح يعتبر "خطأ فاحشاً ناتج عن الدعاية الكاذبة"، مؤكداً أن المخالفين وصفوا الدعوة بخروجها عن المذاهب الأربعة، بالرغم من أن كتابات الشيخ ردت على كل الشبهات والمزاعم حول ذلك، وأنه "تم التشويش على الكثير حتى لا يدركوا زيف التهم".

وأكد الركابي أن هناك تيارات قوية واعلاميين ومثقفين يقفون "خلف كراهية الدعوة" وأن الحملة الغربية على السعودية "تم تبنيها للأسف من قبل جهات عربية وبأقلام عربية".
المستشرقون روجوا المصطلح عالمياً


جانب من برنامج واجه الصحافة


هذا فيما أكد الدكتور ناصر التويم أن غالبية الكتابات الاستشراقية استخدمت مصطلح "الوهابية"، مشيراً إلى أنه "بالنسبة إلى القراء الغربيين، فإنه مصطلح مضلل، وذلك لأن مصطلح الموحدين له معنى إضافي توحي به الكلمة، علاوة على معناها الأصلي، أما الكتاب الغربيون فأخذوا مصطلح (الوهابي) واستخدموه في الأغلب على أنه مصطلح ازدرائي".

وأوضح التويم أن بعض المستشرقين اعترف بأن هذه التسمية أطلقت عليها من أعدائها، وأن المصطلح ليس مستخدماً عند أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، مستشهداً بقول المستشرق مارجليوث "إن التسمية بالوهابية أطلقت من قبل المعارضين في فترة حياة مؤسسها، وقد استخدم الأوروبيون هذه التسمية، ولم تستعمل من قبل أتباعها في الجزيرة العربية، بل كانوا يسمون أنفسهم بالموحدين".

وأضاف الدكتور التويم "الأغلب أن المستشرقين قد استخدموا مصطلح (الوهابية) على صنفين، الأول استخدم الكلمة مع تبني ما تدل عليه من ازدراء للدعوة، والصنف الثاني استخدمه لأنه بدا لهم أنه أكثر دقة من غيره، وبينوا أن استخدامهم للمصطلح لا يحمل معنى السخرية أو الازدراء" .

وأشار التويم إلى أن الافتراء على الدعوة جاء من خصومها، وأنه "من السهل إلقاء التهم جزافاً"، مبدياً أسفه من أنه لم يتم استخدام الوسائل الكفيلة بالتصدي للحملات، وتوضيح حقيقة الدعوة التي جاءت مجددة لتعاليم الإسلام وليست متبنية لدين أو مذهب جديد كما يردد خصومها.
الأمر بالعبادات ليس تشدداً

وحول سؤال عما إذا كانت بعض أساليب المنافحين عن الدعوة، وخصوصاً في أسلوب تطبيق ومتابعة أداء العبادات أدى لخلق تلك الصورة الذهنية العامة لدى الكثير حول الحركة وربطها بالتشدد؛ أكد السماري أن أسلوب رجال الدعوة ليس هو السبب الحقيقي الذي يقف خلف اتهامها بالتشدد والتطرف والتكفير، معتبراً أن وجود بعض الفتاوى المتشددة التي صدرت في أوقات مختلفة إنما تمثل من أصدرها ولا تمثل الحركة حتى يقاس عليها من خلالها، وهو ما يقاس أيضاً على بعض الاجتهاد "الذي لم يوفق"، وصولاً إلى قوله "إذا كانت الدعوة يرى أن في جوانبها بعض ذلك فكل الدعوات المماثلة لم تخلو من ذلك".

وحول نفس النقطة استغرب "الركابي" الأمر قائلاً "ما يراه هؤلاء تشدداً هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، متسائلاً "متى كان الأمر بالصلاة والحث عليها وعلى العبادات من مظاهر التشدد؟"، مؤكداً على وجود الدوافع السياسية وأنها "الحقيقية".

فيما أضاف "السعيد" أنه إذا كان مخالفوها يتهمونها بالتشدد فإنه بالمقابل فإن الدعوة ترى ذلك فيهم، مدللاً بأن كل الندوات والمؤتمرات واللقاءات التي نفذها المختلفون مع الدعوة "خلت من المنصفين".
فخ مصطلح الوهابية

يذكر أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز، رئيس مجلس دارة الملك عبدالعزيز وأمير منطقة الرياض، سبق ونشر في صحيفة "الحياة" في وقت سابق مقالة بعنوان (فليحذر الباحثون من فخ مصطلح الوهابية)، ذكر فيها أنه للأسف بعض الكتابات تخلط بين وصف الدعوة بالوهابية وبين المصطلحات، اعتقاداً بأن الأمر يتعلق بالمصطلح فقط، بينما الحقيقة هي أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب إنما هي دعوة للعودة إلى مبادئ الدين الإسلامي الصحيحة.

وأشار إلى أنه بإمكان أي منصف أن يطلع على رسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب وكتاباته، ليتبيّن له عدم وجود جديد في تلك الدعوة يخالف الكتاب والسنة ويخالف منهج السلف، وما هي إلا دعوة إلى العودة إلى الأصول الصحيحة للعقيدة الإسلامية الصافية، معتبراً أن القول بأن وصفها بالوهابية هو شيء طبيعي ليس صحيحاً، لأن أساس تلك التسمية في الغالب انطلق لأجل التشويه والإساءة.

مؤكداً أن تشويه الدعوة "جاء من جهات متعددة لا يروق لها ما تقوم به"، "وما أدت إليه من قيام دولة إسلامية تقوم على الدين أولاً"، وتحفظ حقوق الناس وتخدم الحرمين الشريفين.

كتاب: إيران ورقصة السرطان... نذر التشاؤم والحرب المحتملة في المنطقة

إيران ورقصة السرطان...
نذر التشاؤم والحرب المحتملة في المنطقة




آدم يوسف

a.youssuf@aljarida.com
«يشكّل أحمدي نجاد ومعه منظومة ولاية الفقيه في إيران خطراً، ليس على مستوى منطقة الخليج وحدها، بل قد يمتد إلى أرجاء الشرق الأوسط كافة بما قد ينذر بنشوب حرب عالمية ثالثة».
إلى ذلك الحدّ يبلغ التشاؤم الذي يعبّر عنه جميل الذيابي في كتابه «إيران ورقصة السرطان» الصادر حديثاً لدى دار العبيكان في المملكة العربية السعودية.
يحوي الكتاب مجموعة مقالات نُشرت على مدى خمس سنوات في الحياة اللندنية، وترتبط برابط موضوعي واحد، إذ تناقش جل القضايا الساخنة في المنطقة بحسب الأحداث وتداعياتها، فبعد حرب الخليج الثانية وسقوط نظام المقبور صدام حسين، وكذلك فوز أحمدي نجاد بانتخابات مشكوك في أمرها نجد أن بؤر التوتر في المنطقة تزداد سخونة واتساعاً. فها هو نظام «ولاية الفقيه» في طهران يزداد عنجهية بعد أن أعلن نجاد تحدّيه للولايات المتحدة في ما يتعلق ببرنامجه النووي، بل إن هذا البرنامج النووي أشعل فتيل سباق تسلّح نووي في المنطقة بعد أن أعلن بعض الدول العربية - وإن على استحياء- رغبته في الحصول على الطاقة النووية السلمية كالسعودية والأردن ومصر.
بحسب المؤلف، إن لم تخطُ الدول العربية هذه الخطوة ستجد ذاتها خارج التأثير وحسابات القوى في المنطقة، لا سيما مع وجود دولة عبرية تملك القوة النووية وتأبى توقيع جميع الاتفاقات الدولية المتعلقة بالطاقة النووية وها هي إيران تحذو حذوها، فماذا بقي للعرب؟
أخطار محدقة
يستشعر المؤلّف جلياً الأخطار المحدقة بالعرب، إذ أثبتت التجارب أن الولايات المتحدة ليست حليفاً دائماً يمكن الركون إليه، وليس مستبعداً أن تقلب إيران موازين اللعبة السياسية إن هي تخلّت عن برنامجها النووي، أو انخرط سياسيوها (ليس بالضرورة في عهد نجاد) في اتفاقيات مع الولايات المتحدة وتخلّوا عن استخدام ورقة «مضيق هرمز» الضاغطة. فالولايات المتحدة تبحث عن ذراع قوية في المنطقة تخدم مصالحها، وبالطبع ستكون إيران في الوضع المتهيئ لذلك، إن ركبت طائرة المصالح الأميركية المتّجهة إلى واشنطن. عندها فحسب يصبح العرب في وضع لا يُحسدون عليه. فهل تتخلى الولايات المتحدة عن حلفائها؟
جغرافيا وتاريخ
تتضمّن مقدّمة الكتاب تعريفاً جغرافيا وتاريخياً بإيران، نجد أنه ضروري لفهم الواقع، فإيران تأتي في المرتبة الـ18 في قائمة الدول الأكبر مساحة في العالم، كما أن عدد سكانها يربو على 70 مليون نسمة. وتاريخياً، بحسب المؤلف، كان أهل السنة (الشافعية والحنفية) الأكثرية في إيران، وكان الشيعة أقلية محصورة في بعض المدن مثل قم، وقاشان ونيسابور، ولما وصل الشاه إسماعيل الصفوي إلى الحكم سنة 907هـ، أجبر أهل السنة على التشيّع حين خيّرهم بينه وبين الموت. إضافة إلى أهمية إيران الجيواستراتيجية، نجد المؤلف يتحدّث عن ولاية الفقيه والمذهب الشيعي الإثني عشري في الحكم وكذلك الحرس الثوري وعلاقات إيران الدولية، ومؤسسة الحوزة الدينية، وتأثير القوى الاقتصادية والمنظّمات الخيريّة الإيرانية.
يتحدّث المؤلف في مجمل مقالاته تفصيلياً عن علاقات إيران الدولية في ظل النظام القائم. وتطغى التوترات على علاقاتها مع أميركا والدول الغربية عموماً وكذلك السعودية ومصر والإمارات والأردن واليمن. ويعود التوتّر بينها وبين دول الخليج إلى أطماعها في هذه الأخيرة ونيّتها في التوسّع على حسابها. إضافة إلى قضية الجزر الإماراتية الثلاث، والاختلاف المذهبي.
نفوذ إيراني
نجحت إيران في توسيع نفوذها إلى دول الجوار لا سيما بعد سقوط نظام صدام حسين، إذ وجدنا الطائفة السنية تتضرّر من ذلك إلى حدّ يبلغ إحداث مذابح ضدها، وتهجير أبنائها من العاصمة بغداد وبعض المناطق الأخرى. كذلك، فإن لإيران ذراعاً عسكرية في لبنان تتمثّل بحزب الله، وميلشيات أخرى في بغداد، إضافة إلى حركة حماس التي تكاد تكون ذراعاً عسكرية أخرى لطهران، وسورية أيضاً لا تخرج كثيراً عن عباءة السياسة الإيرانية، وقد وردت تقارير أخيراً عن تأثير شيعي إيراني في السودان إلى حد بلغ تشيّع قرى بأكملها، بمباركة من جهود الملحقية الثقافية الإيرانية في الخرطوم. إذاً، فإن الخطر المذهبي/ العسكري الإيراني لا يتهدّد دول الخليج المجاورة وحدها وإنما يمتد إلى مناطق أخرى.
لا يدع المؤلف مجالاً للشك في أن نظام أحمدي نجاد يقود إيران إلى تدهور اقتصادي داخلي، وحروب عسكرية مدمرة. يقول: «عندما اعتلى أحمدي نجاد سدة الحكم في إيران في أغسطس (آي) 2005 كان حدسي ينبئني بأن هذا الرجل المتدثر بعباءة الخميني سيقود الشعب الإيراني إلى جحيم جديد، إذ إن الخلفية الأيديولوجية للرجل والتفافه الشديد على التيار الديني المتشدّد يمنح ذلك المؤشر الأولي».
يسرد المؤلف أمثلة على نذر الشؤم التي تبدو على نظام أحمدي نجاد من بينها: اضطهاده الناشطات في مجال حقوق المرأة في بلده، وإطلاقه ما عُرف بالثورة الثقافية الثانية التي تهدف إلى تجفيف الجامعات الإيرانية من المعارضين. ولم يتوقّف تهوّر نجاد عند هذا الحد، بل ذهب إلى تدمير الاقتصاد وزيادة الفقر والبطالة بين الشبان الإيرانين مقابل دعمه الميليشيات والحركات المسلّحة التي طوّعها خارجياً لخدمة سياساته وممارساته المثيرة للأسئلة.