إيران ورقصة السرطان...
نذر التشاؤم والحرب المحتملة في المنطقة
آدم يوسف
a.youssuf@aljarida.com
«يشكّل أحمدي نجاد ومعه منظومة ولاية الفقيه في إيران خطراً، ليس على مستوى منطقة الخليج وحدها، بل قد يمتد إلى أرجاء الشرق الأوسط كافة بما قد ينذر بنشوب حرب عالمية ثالثة».
إلى ذلك الحدّ يبلغ التشاؤم الذي يعبّر عنه جميل الذيابي في كتابه «إيران ورقصة السرطان» الصادر حديثاً لدى دار العبيكان في المملكة العربية السعودية.
يحوي الكتاب مجموعة مقالات نُشرت على مدى خمس سنوات في الحياة اللندنية، وترتبط برابط موضوعي واحد، إذ تناقش جل القضايا الساخنة في المنطقة بحسب الأحداث وتداعياتها، فبعد حرب الخليج الثانية وسقوط نظام المقبور صدام حسين، وكذلك فوز أحمدي نجاد بانتخابات مشكوك في أمرها نجد أن بؤر التوتر في المنطقة تزداد سخونة واتساعاً. فها هو نظام «ولاية الفقيه» في طهران يزداد عنجهية بعد أن أعلن نجاد تحدّيه للولايات المتحدة في ما يتعلق ببرنامجه النووي، بل إن هذا البرنامج النووي أشعل فتيل سباق تسلّح نووي في المنطقة بعد أن أعلن بعض الدول العربية - وإن على استحياء- رغبته في الحصول على الطاقة النووية السلمية كالسعودية والأردن ومصر.
بحسب المؤلف، إن لم تخطُ الدول العربية هذه الخطوة ستجد ذاتها خارج التأثير وحسابات القوى في المنطقة، لا سيما مع وجود دولة عبرية تملك القوة النووية وتأبى توقيع جميع الاتفاقات الدولية المتعلقة بالطاقة النووية وها هي إيران تحذو حذوها، فماذا بقي للعرب؟
أخطار محدقة
يستشعر المؤلّف جلياً الأخطار المحدقة بالعرب، إذ أثبتت التجارب أن الولايات المتحدة ليست حليفاً دائماً يمكن الركون إليه، وليس مستبعداً أن تقلب إيران موازين اللعبة السياسية إن هي تخلّت عن برنامجها النووي، أو انخرط سياسيوها (ليس بالضرورة في عهد نجاد) في اتفاقيات مع الولايات المتحدة وتخلّوا عن استخدام ورقة «مضيق هرمز» الضاغطة. فالولايات المتحدة تبحث عن ذراع قوية في المنطقة تخدم مصالحها، وبالطبع ستكون إيران في الوضع المتهيئ لذلك، إن ركبت طائرة المصالح الأميركية المتّجهة إلى واشنطن. عندها فحسب يصبح العرب في وضع لا يُحسدون عليه. فهل تتخلى الولايات المتحدة عن حلفائها؟
جغرافيا وتاريخ
تتضمّن مقدّمة الكتاب تعريفاً جغرافيا وتاريخياً بإيران، نجد أنه ضروري لفهم الواقع، فإيران تأتي في المرتبة الـ18 في قائمة الدول الأكبر مساحة في العالم، كما أن عدد سكانها يربو على 70 مليون نسمة. وتاريخياً، بحسب المؤلف، كان أهل السنة (الشافعية والحنفية) الأكثرية في إيران، وكان الشيعة أقلية محصورة في بعض المدن مثل قم، وقاشان ونيسابور، ولما وصل الشاه إسماعيل الصفوي إلى الحكم سنة 907هـ، أجبر أهل السنة على التشيّع حين خيّرهم بينه وبين الموت. إضافة إلى أهمية إيران الجيواستراتيجية، نجد المؤلف يتحدّث عن ولاية الفقيه والمذهب الشيعي الإثني عشري في الحكم وكذلك الحرس الثوري وعلاقات إيران الدولية، ومؤسسة الحوزة الدينية، وتأثير القوى الاقتصادية والمنظّمات الخيريّة الإيرانية.
يتحدّث المؤلف في مجمل مقالاته تفصيلياً عن علاقات إيران الدولية في ظل النظام القائم. وتطغى التوترات على علاقاتها مع أميركا والدول الغربية عموماً وكذلك السعودية ومصر والإمارات والأردن واليمن. ويعود التوتّر بينها وبين دول الخليج إلى أطماعها في هذه الأخيرة ونيّتها في التوسّع على حسابها. إضافة إلى قضية الجزر الإماراتية الثلاث، والاختلاف المذهبي.
نفوذ إيراني
نجحت إيران في توسيع نفوذها إلى دول الجوار لا سيما بعد سقوط نظام صدام حسين، إذ وجدنا الطائفة السنية تتضرّر من ذلك إلى حدّ يبلغ إحداث مذابح ضدها، وتهجير أبنائها من العاصمة بغداد وبعض المناطق الأخرى. كذلك، فإن لإيران ذراعاً عسكرية في لبنان تتمثّل بحزب الله، وميلشيات أخرى في بغداد، إضافة إلى حركة حماس التي تكاد تكون ذراعاً عسكرية أخرى لطهران، وسورية أيضاً لا تخرج كثيراً عن عباءة السياسة الإيرانية، وقد وردت تقارير أخيراً عن تأثير شيعي إيراني في السودان إلى حد بلغ تشيّع قرى بأكملها، بمباركة من جهود الملحقية الثقافية الإيرانية في الخرطوم. إذاً، فإن الخطر المذهبي/ العسكري الإيراني لا يتهدّد دول الخليج المجاورة وحدها وإنما يمتد إلى مناطق أخرى.
لا يدع المؤلف مجالاً للشك في أن نظام أحمدي نجاد يقود إيران إلى تدهور اقتصادي داخلي، وحروب عسكرية مدمرة. يقول: «عندما اعتلى أحمدي نجاد سدة الحكم في إيران في أغسطس (آي) 2005 كان حدسي ينبئني بأن هذا الرجل المتدثر بعباءة الخميني سيقود الشعب الإيراني إلى جحيم جديد، إذ إن الخلفية الأيديولوجية للرجل والتفافه الشديد على التيار الديني المتشدّد يمنح ذلك المؤشر الأولي».
يسرد المؤلف أمثلة على نذر الشؤم التي تبدو على نظام أحمدي نجاد من بينها: اضطهاده الناشطات في مجال حقوق المرأة في بلده، وإطلاقه ما عُرف بالثورة الثقافية الثانية التي تهدف إلى تجفيف الجامعات الإيرانية من المعارضين. ولم يتوقّف تهوّر نجاد عند هذا الحد، بل ذهب إلى تدمير الاقتصاد وزيادة الفقر والبطالة بين الشبان الإيرانين مقابل دعمه الميليشيات والحركات المسلّحة التي طوّعها خارجياً لخدمة سياساته وممارساته المثيرة للأسئلة.
نذر التشاؤم والحرب المحتملة في المنطقة
آدم يوسف
a.youssuf@aljarida.com
«يشكّل أحمدي نجاد ومعه منظومة ولاية الفقيه في إيران خطراً، ليس على مستوى منطقة الخليج وحدها، بل قد يمتد إلى أرجاء الشرق الأوسط كافة بما قد ينذر بنشوب حرب عالمية ثالثة».
إلى ذلك الحدّ يبلغ التشاؤم الذي يعبّر عنه جميل الذيابي في كتابه «إيران ورقصة السرطان» الصادر حديثاً لدى دار العبيكان في المملكة العربية السعودية.
يحوي الكتاب مجموعة مقالات نُشرت على مدى خمس سنوات في الحياة اللندنية، وترتبط برابط موضوعي واحد، إذ تناقش جل القضايا الساخنة في المنطقة بحسب الأحداث وتداعياتها، فبعد حرب الخليج الثانية وسقوط نظام المقبور صدام حسين، وكذلك فوز أحمدي نجاد بانتخابات مشكوك في أمرها نجد أن بؤر التوتر في المنطقة تزداد سخونة واتساعاً. فها هو نظام «ولاية الفقيه» في طهران يزداد عنجهية بعد أن أعلن نجاد تحدّيه للولايات المتحدة في ما يتعلق ببرنامجه النووي، بل إن هذا البرنامج النووي أشعل فتيل سباق تسلّح نووي في المنطقة بعد أن أعلن بعض الدول العربية - وإن على استحياء- رغبته في الحصول على الطاقة النووية السلمية كالسعودية والأردن ومصر.
بحسب المؤلف، إن لم تخطُ الدول العربية هذه الخطوة ستجد ذاتها خارج التأثير وحسابات القوى في المنطقة، لا سيما مع وجود دولة عبرية تملك القوة النووية وتأبى توقيع جميع الاتفاقات الدولية المتعلقة بالطاقة النووية وها هي إيران تحذو حذوها، فماذا بقي للعرب؟
أخطار محدقة
يستشعر المؤلّف جلياً الأخطار المحدقة بالعرب، إذ أثبتت التجارب أن الولايات المتحدة ليست حليفاً دائماً يمكن الركون إليه، وليس مستبعداً أن تقلب إيران موازين اللعبة السياسية إن هي تخلّت عن برنامجها النووي، أو انخرط سياسيوها (ليس بالضرورة في عهد نجاد) في اتفاقيات مع الولايات المتحدة وتخلّوا عن استخدام ورقة «مضيق هرمز» الضاغطة. فالولايات المتحدة تبحث عن ذراع قوية في المنطقة تخدم مصالحها، وبالطبع ستكون إيران في الوضع المتهيئ لذلك، إن ركبت طائرة المصالح الأميركية المتّجهة إلى واشنطن. عندها فحسب يصبح العرب في وضع لا يُحسدون عليه. فهل تتخلى الولايات المتحدة عن حلفائها؟
جغرافيا وتاريخ
تتضمّن مقدّمة الكتاب تعريفاً جغرافيا وتاريخياً بإيران، نجد أنه ضروري لفهم الواقع، فإيران تأتي في المرتبة الـ18 في قائمة الدول الأكبر مساحة في العالم، كما أن عدد سكانها يربو على 70 مليون نسمة. وتاريخياً، بحسب المؤلف، كان أهل السنة (الشافعية والحنفية) الأكثرية في إيران، وكان الشيعة أقلية محصورة في بعض المدن مثل قم، وقاشان ونيسابور، ولما وصل الشاه إسماعيل الصفوي إلى الحكم سنة 907هـ، أجبر أهل السنة على التشيّع حين خيّرهم بينه وبين الموت. إضافة إلى أهمية إيران الجيواستراتيجية، نجد المؤلف يتحدّث عن ولاية الفقيه والمذهب الشيعي الإثني عشري في الحكم وكذلك الحرس الثوري وعلاقات إيران الدولية، ومؤسسة الحوزة الدينية، وتأثير القوى الاقتصادية والمنظّمات الخيريّة الإيرانية.
يتحدّث المؤلف في مجمل مقالاته تفصيلياً عن علاقات إيران الدولية في ظل النظام القائم. وتطغى التوترات على علاقاتها مع أميركا والدول الغربية عموماً وكذلك السعودية ومصر والإمارات والأردن واليمن. ويعود التوتّر بينها وبين دول الخليج إلى أطماعها في هذه الأخيرة ونيّتها في التوسّع على حسابها. إضافة إلى قضية الجزر الإماراتية الثلاث، والاختلاف المذهبي.
نفوذ إيراني
نجحت إيران في توسيع نفوذها إلى دول الجوار لا سيما بعد سقوط نظام صدام حسين، إذ وجدنا الطائفة السنية تتضرّر من ذلك إلى حدّ يبلغ إحداث مذابح ضدها، وتهجير أبنائها من العاصمة بغداد وبعض المناطق الأخرى. كذلك، فإن لإيران ذراعاً عسكرية في لبنان تتمثّل بحزب الله، وميلشيات أخرى في بغداد، إضافة إلى حركة حماس التي تكاد تكون ذراعاً عسكرية أخرى لطهران، وسورية أيضاً لا تخرج كثيراً عن عباءة السياسة الإيرانية، وقد وردت تقارير أخيراً عن تأثير شيعي إيراني في السودان إلى حد بلغ تشيّع قرى بأكملها، بمباركة من جهود الملحقية الثقافية الإيرانية في الخرطوم. إذاً، فإن الخطر المذهبي/ العسكري الإيراني لا يتهدّد دول الخليج المجاورة وحدها وإنما يمتد إلى مناطق أخرى.
لا يدع المؤلف مجالاً للشك في أن نظام أحمدي نجاد يقود إيران إلى تدهور اقتصادي داخلي، وحروب عسكرية مدمرة. يقول: «عندما اعتلى أحمدي نجاد سدة الحكم في إيران في أغسطس (آي) 2005 كان حدسي ينبئني بأن هذا الرجل المتدثر بعباءة الخميني سيقود الشعب الإيراني إلى جحيم جديد، إذ إن الخلفية الأيديولوجية للرجل والتفافه الشديد على التيار الديني المتشدّد يمنح ذلك المؤشر الأولي».
يسرد المؤلف أمثلة على نذر الشؤم التي تبدو على نظام أحمدي نجاد من بينها: اضطهاده الناشطات في مجال حقوق المرأة في بلده، وإطلاقه ما عُرف بالثورة الثقافية الثانية التي تهدف إلى تجفيف الجامعات الإيرانية من المعارضين. ولم يتوقّف تهوّر نجاد عند هذا الحد، بل ذهب إلى تدمير الاقتصاد وزيادة الفقر والبطالة بين الشبان الإيرانين مقابل دعمه الميليشيات والحركات المسلّحة التي طوّعها خارجياً لخدمة سياساته وممارساته المثيرة للأسئلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق