الكولونيل ليشمان والدرب الطويل إلى بغداد
أسعد الفارس يتتبّع مسيرة بنجيمان الفرات
لافي الشمري
يستعرض كتاب «الكولونيل ليشمان والدرب الطويل إلى بغداد» للمؤلف أسعد الفارس محطات مهمة من تاريخ المنطقة العربية، من خلال رحلة الضابط البريطاني ليشمان أو الملقب «بنجيمان الفرات».
عبر 19 فصلاً، حرص الباحث أسعد الفارس على إيجاز تاريخ ليشمان في ثلاث محطات أساسية: مرحلة التطوع في الجيش البريطاني، الخدمة العسكرية في أماكن متفرقة في جنوب أفريقيا والهند والعراق، ثم مرحلة الترحال والتجسس والرحلات الاستكشافية، وأخيراً مقتل ليشمان.
يتناول الفارس في الفصل الأول الظروف السياسية التي كانت تمر بها آنذاك منطقة الشرق الأوسط ودول غرب آسيا، ثم ينتقل إلى تقديم لمحة ذاتية عن مراحل مهمة في طفولة ليشمان ومراهقته ساهمت في تكوين شخصية هذا الضابط الذي أدى دوراً كبيراً في المنطقة العربية، مركزاً على محطات مهمة في مسيرته.
يشير الفارس في الفصول اللاحقة إلى مشاركة ليشمان في الحرب في جنوب أفريقيا، ثم يتطرق إلى مرحلة خدمة الكولونيل العسكرية في الهند، موضحاً كيف اكتسب خبرات كبيرة في الجاسوسية.
وبالنسبة إلى مقتل الكولونيل في الفلوجة، خصص المؤلف فصلاً كاملاً لهذه المرحلة الأخيرة.
جاسوس بريطاني
يوضح الباحث أسباب تناوله شخصية الكولونيل ليشمان ضمن إصداره، قائلاً:{يعود اهتمامي بهذا الرجل إلى مطلع الخمسينات من القرن العشرين، عندما كانت القصص تروى والأشعار تنشد عن الإنكليزي ليشمان أو بنجيمان بين أهلنا من عرب الفرات ومما يؤسف له جهلنا بتاريخ هذا الرجل الذي استخدم الطيران ليقصف ديار أهل الفرات لأول مرة في تاريخ الجيش البريطاني في المنطقة، فجل ما كان يكتب عنه كونه المسكين الذي كان يبيع الفرارات في مدينة البوكمال السورية وينام في المساجد، والذي اكتشف في ما بعد أنه جاسوس بريطاني ولذا بذلت جهوداً كبيرة لجمع كثير من المعلومات عن ليشمان وعن تاريخ الحرب التي خاضها الجيش البريطاني في المنطقة العربية عام 1914-1920».
مهام خاصة
في مقدمة الكتاب يقول المؤلف: «الكولونيل ليشمان نعرّف فيه ضابطاً ورحالة من ذوي المهام الخاصة في الجيش البريطاني في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، فسيرته أحد أكثر الكتب إثارة وأهمية في التاريخ المعاصر، لأنه صنع الأحداث ولم تصنعه الدعاية ووسائل الإعلام كما صنعت من لورنس بطلاً وهمياً بمجموعة من الصور والأفلام والمسلسلات التلفزيونية، وبغض النظر عن مشروعية الغايات والأهداف، فنحن أمام رجل عاش للجندية طوال حياته، ومات من أجل بريطانيا العظمى التي كانت الشمس التي لا تغيب عن مستعمراتها في كثير من بلدان العالم».
تقارير عسكرية
يؤكد الكاتب أن ثمة كتاباً كثراً تناولوا شخصية ليشمان معتمدين على التقارير العسكرية والخرائط والرسائل الخاصة في جمع المعلومات عنه، خصوصاً أنه لم يترك مذكرات مكتوبة تخصه: «لم يترك ليشمان مذكرات مكتوبة يتحدث فيها عن نفسه مباشرة، لكنه ترك الآلاف من التقارير العسكرية، والعديد من الخرائط والرسائل الخاصة، فعن هذه الرسائل والتقارير سطر بعض الكتاب الإنكليز تاريخه ومعالم سيرته كرمز من رموزهم الوطنية».
تابع الفارس: «هؤلاء كتبوا عن ليشمان وغيره بعقلية كتاب العهد الفيكتوري عندما كانوا يمجدون البطل ويثنون على البطولة والتحدي المثير، فالبطولة والملك وعظمة الإمبراطورية كانت تستأثر في تلك الأثناء باهتمام الصغير والكبير في بريطانيا، فهؤلاء صوروا الجندي البريطاني بـ{السوبرمان» الذي لا يقهر، بهذه العقلية كتب الميجر البريطاني «ن.براي» عن ليشمان كبطل قادم من الجزيرة العربية وونستون عن ليشمان كآمر للصحراء وباستثناء المبالغات كان ليشمان أحد الضباط البريطانيين الذين قادوا الحرب العالمية الأولى في العراق بمهارة فائقة وتصميم منقطع النظير إلى آخر يوم من حياته».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق