الثلاثاء، 15 يونيو 2010

خبير روسي: الاقتصاد الامريكي وصل الى طريق مسدود

خبير روسي: الاقتصاد الامريكي وصل الى طريق مسدود

02.06.2010



أكد نيقولاي ستاريكوف الكاتب والمفكر الروسي الذي استضافه برنامج " حديث اليوم" ان الازمة المالية العالمية اظهرت ان اوروبا تمر الآن بمرحلة مشابهة لتلك التي سادت عشية انهيار الامبراطورية الرومانية. وحسب قوله فأن الاقتصاد الأمريكي وصل إلى طريق مسدود، لأنهم يصدرون دولارات من دون غطاء مالي، وتواصل الماكينة طباعة الأوراق النقدية. المشكلة أنه لا بد من إيجاد طلب على منتوج هذه الماكينة التي يتحكم فيها صندوق الاحتياط الفيدرالي الأمريكي. أما تحقيق هذا الهدف فيتطلب خلق أجواء من عدم الاستقرار في العالم، لأنه إذا نظرنا إلى ما يحدث في العالم أثناء الأزمات السياسية والعسكرية والاقتصادية نجد أن الجميع يشرعون في شراء الدولار والسندات الأمريكية. الآن، في الظروف العادية، أي في ظل غياب الاهتمام بشراء السندات الأمريكية، لا بد من تحفيز هذا الاهتمام مرة أخرى.. كيف؟ عن طريق زعزعة الاستقرار أو تأجيج حرب. لكن الآن لم يعد أحد يريد أن يشارك في حرب حقيقية، وبالتالي لا بد من التأثير الخارجي على الدول وقادتها لكي تبدأ الحرب. اليوم عدد من المناطق الساخنة، الكوريتان الشمالية والجنوبية، والوضع حول إيران، والخلاف القديم بين باكستان والهند، وغيرها من المناطق الساخنة.


وحول الخطر النووي الايراني قال ستاريكوف: بالطبع، لا يواجه المجتمع الدولي أي خطر إيراني. كلها أساطير لتوفير دعم إعلامي لسيناريو ضرب إيران. الغرب يبحث عن مبرر لضربها، مثلما تم إيجاد مبرر كاذب لغزو العراق. حينها تحدثوا عن وجود معسكرات عراقية لتدريب عناصر طالبان، أما الآن فنسمع أحاديث عن وجود هذه المعسكرات في الأراضي الإيرانية..




كما نتذكر الأحاديث عن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، الأسلحة التي لم يعثر عليها بعد دخول القوات الأمريكية والبريطانية إلى العراق. إذن إيجاد مبرر لشن أي عدوان أمر ضروري، في التاريخ أمثال كثيرة من هذا القبيل. /أدولف هتلر/ مثلا أمر بافتعال حادثة في محطة إذاعة /غلايفيتس/ البولندية، ما أدى إلى نشوب الحرب العالمية الثانية. واليوم تبحث الولايات المتحدة والدول الشريكة لها عن مبرر لضرب إيران، والأوضاع ستتصعد لأن هذه الدول مهتمة بإبقاء حالة التوتر على الأقل، طالما أنها عاجزة عن افتعال الحرب.. وكلما ازدادت العلاقات الدولية توترا كلما ارتفع سعر الدولار.




وبرأيه ان من الصعب جدا القيام بتنبؤات حول الوضع مستقبلا وبخاصة لمثل هذا الأمد الطويل وفي هذا المجال الحساس كالسياسة. لن أجرؤ على الحديث عن احتمال تفتت الولايات المتحدة أو حدوث تغيرات كونية كبرى. كل ما استطيع تأكيده أن العالم يتغير بوتيرة سريعة جدا.. فلو قال أحد قبل عشر سنوات فقط إن الدولار ليس سوى ورقة خضراء لا قيمة لها، لبدا كلامه للجميع هذيانا مطلقا.




الآن هناك مناقشات جدية تدور على أعلى مستوى حول إنشاء عملة دولية جديدة، وتطرح أسئلة حول مدى استعداد الدولار لأداء وظيفته. نرى أن ذاك الأنموذج الأنجلو ـ ساكسوني للمنظومة المالية العالمية فقد جدواه ويقود البشرية إلى طريق مسدود. أما السؤال عن أنموذج بديل أو عن ثمن إيجاده فالإجابة عليه صعبة جدا. إننا نمر الآن بمرحلة تشبه تلك التي عاشتها اوروبا عند انهيار الإمبراطورية الرومانية. كانت النتيجة مأسوية، توقف الناس عن الاغتسال لقرون عدة.. خريطة أوروبا تغيرت، كما لغات شعوبها، وحتى مظهر الناس.. لقد تغير كل شيء فيها. والمهمة المطروحة اليوم فك هذا العالم الأنجلو ـ ساكسوني قطعة قطعة كيلا تنهار هذه البناية الضخمة دفعة واحدة دافنة البشرية تحت ركامها.




وحول دور الدولار في الاقتصاد العالمي قال الخبير الروسي : من السهل تسليط الضوء على هذه القضية إذا فهمنا كيفية تركيب النظام المالي. هناك في العالم عملة احتياطية فريدة. ومع أنه عالم يتحدثون فيه كثيرا عن الديموقراطية وتعددية الأنماط الاقتصادية، إلا أنه يعرف عملة احتياطية واحدة فقط، الدولار الأمريكي. وليست الدولة الأمريكية التي تصدرها، مهما بدا هذا الأمر غريبا، بإمكان أي شخص بحوزته ورقة خضراء أن يقرأ: الورقة صادرة عن صندوق الاحتياط الفيدرالي الأمريكي، أي البنك المركزي في الولايات المتحدة. ولكن كل ما في الأمر أن هذه المؤسسة تعد شركة خاصة.. ذلك يعني أن إصدار العملة العالمية الرئيسة يعود إلى مجموعة من أصحاب البنوك الخاصة المجهولين. هذه مشكلة كبرى والسبب الأول للأزمة. ما دامت مطبعة النقود ملكا لهؤلاء، فبإمكانهم في أي لحظة أن يتوقفوا عن طباعة الأوراق، أو بالعكس. مثل أنابيب المياه، إذا كان هناك أحد لديه صمام التحكم، ففي مقدوره أن يقطع المياه عن مستهلكيه في أي لحظة ليجعل ظروف حياة الناس لا تطاق. ذلك ما يفعله الأمريكيون: لديهم شبكة الأنابيب، قرروا اغلاقها وتوقف ضخ السيولة في الاقتصاد وتمت مطالبته بإعادة ديون قديمة، ما أدى إلى اختناق الاقتصاد العالمي. وما هدف كل ذلك؟ هؤلاء الناس لا يخسرون شيئا من توزيع قروض مجانية وأوراق من دون غطاء مالي. عندما تعجز الدولة والصناعات عن إعادة هذه القروض، تجد نفسها مضطرة لتعويضها بقيم حقيقية مثل تصويت في الأمم المتحدة أو نشر قواعد عسكرية أو ثروات طبيعية إلخ.. لذلك فإن الأزمة الراهنة وسيلة لاستعباد العالم وتحقيق أهداف سياسية معينة. وهي وسيلة فعالة جدا وبلا شك أنهم سيحاولون استعمالها مرة أخرى.






وقال ستاريكوف حول الارهاب الدولي : أنتم على حق. في كتابي الذي يحمل عنوان "ابحثوا عن النفط" تحدثت عن أنه لا يوجد هناك إرهاب دولي ولا يمكن أن يكون له وجود إطلاقا، لأن الحافلة لا يمكن لها أن تسير في أكثر من اتجاه في آن واحد.. دعونا نسأل: ما الذي يجمع بين أنصار استقلال إيرلندا الشمالية عن بريطانيا وبين الإرهابيين الذين يقاتلون في الهند في سبيل استقلال بعض ولاياتها؟ ليس هناك ما يجمع بين هؤلاء وأولئك سوى أن جميعهم يفجرون قنابل، فهو أمر هامشي. كل ما في الأمر أن هناك مجموعة من المرتزقة من جنسيات مختلفة، ينفذون مهمات لصالح استخبارات خارجية مقابل مكافأة مالية. أعتقد أن الاستخبارات الأمريكية والبريطانية هي التي تنظم القدر الأكبر من الهجمات الإرهابية في روسيا بل وكذلك في الدول العربية والهند وباكستان وغيرها من الدول. وهذه العمليات تستخدم من أجل زعزعة الأوضاع، ولإشعال النزاع بين الهند وباكستان، ولاختراع مبررات لوجود القوات الأمريكية في العراق.. للإرهاب غايات عديدة، لكن وسيلتها واحدة هي تفجير القنابل. لنطرح سؤالا بسيطا: من هي الدولة التي يكرهها العرب أكثر من غيرها؟ لا شك أن اسمها إسرائيل. وهو أمر معروف له أسباب تاريخية وسياسية وعسكرية.. ثم هناك في مصر من أُطلق عليهم "الأصوليون الإسلاميون". يا ترى أين يجب أن يفجروا قنابلهم؟ من المنطقي أن نفرض أنهم يجب أن يستهدفوا إسرائيل كأول هدف لهم.. لكنهم يفجرون فنادق فاخرة في مصر.. لماذا؟ أين المنطق في هذا؟ أنا مقتنع بأنهم يتقاضون أموالا من الاستخبارات الإسرائيلية لكي لا يفجروا هذه الفنادق داخل إسرائيل بل في أراضي جارتها مصر، منفذين أوامر مستأجريهم.

ويعتقد الخبير الروسي ان النفط أصبح مادة إستراتيجية فور انتهاء الحرب العالمية الأولى، وكان البريطانيون أول من أدرك هذه الحقيقة، ويدل على ذلك اهتمامهم بتمزيق أراضي الإمبراطورية العثمانية السابقة عن طريق رسم حدود كردستان مستقل مستقبلي أو مشروع أرمينيا الكبرى.. لكن سياسة /كمال أتاتورك/ وضعت حدا لهذا المشروع.. ومنذ ذلك الحين لا يزال الأنجلو ـ ساكسون يتابعون باهتمام تطور الأحداث في الشرق الأوسط.. واكتسبت هذه المنطقة أهمية بالغة بعد الحرب العالمية الثانية، عندما وافق الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة على تأسيس دولة إسرائيل في هذه المنطقة. لماذا؟ لأن كلاً من البلدين كان يأمل في أن تدور هذه الدولة الجديدة في فلكه. وما هي وظيفة هذه الدولة؟ وظيفتها مراقبة الثروة النفطية ومراقبة هذه المنطقة ككل.. كنت أود أن أقول شيئا يسر مشاهديكم، لكن ما دام النفط موجودا في الشرق الأوسط، وما دام يمثل أهم الموارد الاستراتيجية في العالم، لن يتوقف الأنجلو ـ ساكسون عن إشعال حروب هناك وإسقاط الأنظمة التي لا ترضيهم.. وسيستمر ذلك ما دامت لديهم قدرات لممارسة هذه السياسة.



وحول مستقبل روسيا قال الخبير: أنا أنتظر استعادة وطني لقوته مثلما ينتظر ذلك مشاهدو قناتكم. وأنا آمل أنه بعد خمس أو عشر سنوات سنشهد إعادة وحدة الدولة على أساس الاتحاد الجمركي الذي يمثل اليوم قاعدة لإعادة بناء الدولة الموحدة. لا أعلم كيف سيكون اسم هذه الدولة.. وليس مهما أن يكون اسمها روسيا أو اتحاد الدول الأوروبية الآسيوية.. المهم هو الجوهر.. يجب أن يظهر في العالم لاعب جديد يستطيع أن يبرز تعارض مصالح الانجلو ـ ساكسون مع مصالح البشرية قاطبة. أما الآن نرى أن القوى العالمية نفسها تشعل حروبا على طول حدود لوحة الشطرنج وتلعب في البورصات وتعمل على انهيار أسعار العملات الدولية. وبإمكان هذه القوى تحويل بلد ناجح مثل اليونان إلى بلد مفلس خلال ستة أشهر فقط عبر تحكمها في وسائل الإعلام. ولا شك أن هذه القوى لا تريد خيرا للبشرية.. هذا وظهور لاعب جديد قوي إلى جانب الصين، أي ظهور عالم متعدد الأقطاب، قد يسهم في جعل الأوضاع أكثر استقرارا كما كانت خلال الحقبة السوفييتية عندما كان الانجلو ـ ساكسون مقيدين بعض الشيء في تصرفاتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق